بصمات في العدالة... المستشار الدكتور حسين مدكور .. القائد المتميز الذي أعاد قيمة العدالة بجهودة وأضاء دروب القانون باسهاماتة.

 

في عالم القضاء، حيث تتشابك خيوط القانون والعدالة، تبرز قصصٌ استثنائية لأشخاصٍ كرَّسوا حياتهم لخدمة الحق. قليلون هم من يجمعون بين الشغف الأكاديمي والخبرة العملية والإنجازات التي تترك بصمةً لا تُمحى. قصة المستشار الدكتور حسين مدكور هي إحدى هذه القصص الملهمة، التي تروي رحلة رجلٍ لم يتوقف سعيه يومًا عن العلم والعمل، فصعد سلَّم النجاح خطوةً بخطوة، تاركًا وراءه إرثًا من العطاء والإنجازات التي شكَّلت مسار العدالة في مصر.

 

بدأت رحلة المستشار مدكور بشغفٍ عميقٍ بالعلم، فحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس. لكن شغفه لم يتوقف عند هذا الحد، بل واصل مسيرته الأكاديمية بحصوله على دبلومين للدراسات العليا في الشريعة الإسلامية والقانون العام على التوالي. وتوَّج هذه الرحلة بحصوله على درجة الدكتوراه في الحقوق من جامعة القاهرة، عن رسالته القيمة التي حملت عنوان "جريمة الرشوة في الفقه الإسلامي مقارنًا بالقانون الوضعي".

 

بدأ المستشار الدكتور حسين بقيد اسمه في جدول المحامين المشتغلين، ليبدأ رحلةً عمليةً في المجال القانوني، ويعمل في البداية كمحامٍ ببنك مصر. وفي نفس العام، صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه في هيئة قضايا الدولة، كان هذا القرار بمثابة نقطة انطلاقٍ لرحلة صعوده المظفَّرة في السلَّم القضائي، فقد تدرَّج سيادته في المناصب بمسيرةٍ حافلةٍ بالعطاء، حتى وصل إلى درجة نائب رئيس الهيئة. ثم عُيِّن عضوًا بالمجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة، وبعدها رئيسًا لهيئة قضايا الدولة، تتويجًا لمسيرته المضيئة الحافلة بالعطاء والإنجازات.

 

لم تكن رحلة المستشار الدكتور حسين مهنيةً فحسب، بل كانت رحلةً مستمرةً لصقل الخبرات وتوسيع الآفاق. شارك في العديد من الدورات التدريبية التي غطَّت مجالاتٍ متنوعة، مثل التحكيم التجاري الدولي، وكتابة العقود الدولية، والتحكيم البحري، والعقود البحرية الدولية ودعاوى التحكيم البحرية. هذه الدورات، التي حصل عليها من مؤسساتٍ مرموقةٍ مثل مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والغرفة التجارية الألمانية، ساهمت في بناء شخصيته كقانوني متميّز يجمع بين الخبرة الأكاديمية والتطبيق العملي.

 

امتدَّت خبراته لتشمل مهام إعارة دولية، حيث أُعير للعمل مستشارًا قانونيًا بمجلس حماية البيئة بدولة الكويت، وعمل مقرِّرًا للخطة القومية لمكافحة التلوث البحري. كما عمل أستاذًا مساعدًا في معهد العلوم الدينية والإسلامية بجاكرتا بإندونيسيا، ووصل إلى درجة أستاذ. وشغل مناصب أخرى هامة في الكويت، مثل مستشار بإدارة الفتوى والتشريع بمجلس الوزراء، ومستشار لرئيس مجلس إدارة البنك التجاري الكويتي، ومدير عام للشؤون القانونية وإدارة المديونيات الصعبة.

 

لم يقتصر دور المستشار مدكور على الجانب القضائي والقانوني فقط، بل كان له دورٌ ريادي في المهام الإدارية غير العادية التي ترك فيها بصماتٍ واضحة. من أبرز هذه الإنجازات، تحويل قسم الدستورية إلى قسمٍ رقمي يواكب التطور التكنولوجي، من خلال الأرشفة الإلكترونية لجميع ملفات الدعاوى، في إنجازٍ استغرق ثلاثة أشهرٍ فقط. كما قاد عملية أرشفة إلكترونية لقطاع التنفيذ، ليصبح قطاعًا رقميًا يتواصل مع جميع أجهزة الدولة.

 

تنقَّل بين مختلف الأقسام القانونية والإدارية. بدأ كعضو في أقسامٍ متعددةٍ مثل الأوقاف والقضاء الإداري والمحكمة الدستورية العليا. ترأَّس بعد ذلك عدة أقسامٍ مهمة، منها قسم التحكيم والمحكمة الدستورية. كما قاد قطاع التنفيذ بنجاحٍ كبير، حيث وضع أسسًا موحدةً للعمل ساهمت في استرداد مبالغ ضخمة لصالح الدولة قيمتها مليار وثلاثمائة مليون جنيه خلال عامٍ وثلاثة أشهرٍ فقط، وهو إنجاز غير مسبوق.

 

 بالإضافة إلى ذلك، كان عضوًا في مجلس التأديب والمجلس الأعلى بهيئة قضايا الدولة، مما يعكس مكانته الرفيعة وخبرته الواسعة.

 

تنوعت مناصبه بين الأكاديمية والاستشارية والقضائية. فمن التدريس في كلية الحقوق بجامعة الزقازيق، إلى وضع أنظمةٍ وقواعد للتحكيم، ثم توليه منصب مدير مركز التحكيم. ولم تقتصر مسيرته على ذلك، فقد عمل مستشارًا فنيًا لمساعد وزير العدل، ثم مستشارًا لمحافظ القاهرة لأكثر من 13 عامًا، بالإضافة إلى محافظ حلوان.

 

لم يكتفِ المستشار مدكور بالعمل القضائي والإداري، بل كان له إسهاماتٌ بارزةٌ في الحياة العلمية والفكرية، من خلال تأليفه العديد من الكتب والمقالات البحثية. كتبه مثل "الوجيز في المدد والمواعيد القانونية" عبارة عن كتابين، الكتاب الأول في قانون المرافعات والتنفيذ والمدني والإثبات والأحوال الشخصية وقانون العمل وقانون الإجراءات الجنائية.

 

والكتاب الثاني في قانون تنظيم التعاقدات التي تُبرمها الجهات العامة ولائحته التنفيذية والتشريعات المرتبطة به وقانون الحجز الإداري وقانون التجارة وقانون الإفلاس والقانون البحري وقانون الطيران وقانون الإيجار والتشريعات الضريبية والجمارك بالمشاركة مع آخرين.

و"مبادئ المحكمة الدستورية العليا"، أصبحت مراجع أساسية للباحثين والقانونيين. كما ساهم في تنقيح وترجمة كتاب "المدخل في الفقه الإسلامي" للدكتور محمد سلام مذكور إلى اللغة الإنجليزية، مما يعكس شغفه بنشر المعرفة القانونية.

وبحث منشور بمجلة هيئة قضايا الدولة بعنوان نظرية الشروع في الجريمة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي.

 

تقديرًا لجهوده المخلصة، حصل المستشار مدكور على خطابات شكر وتقدير من شخصياتٍ هامةٍ مثل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة. كما حصل على تقديرٍ من الهيئة العامة للبترول، اعترافًا بجهوده في تعديل وجهة نظر محكمة النقض في القضايا العمالية، وتوفير مبالغ طائلة للهيئة.

 

إن قصة المستشار الدكتور حسين مدكور هي قصة نجاحٍ ملهمة، تبرهن على أن الإصرار والاجتهاد والشغف بالعلم يمكن أن يصنع المعجزات. هي حكاية رجلٍ قضى حياته في خدمة العدالة، وترك إرثًا غنيًا من الإنجازات والخبرات التي ستظل مرجعًا للأجيال القادمة.

 

لم تكن مسيرته مجرد سلسلةٍ من المناصب والمسؤوليات، بل كانت رحلةً ملهمةً تُجسِّد معنى الإخلاص والتفاني في خدمة الوطن. لقد ترك بصماته في كل منصبٍ تقلَّده، من تطوير نظم العمل القضائي إلى إثراء المكتبة القانونية بمؤلفاته القيمة. إن قصة حياته هي دليلٌ حي على أن الشغف بالعلم والعمل الدؤوب يمكن أن يغيِّر وجه العدالة، وأن رجلًا واحدًا قادرٌ على ترك إرثٍ يضيء دروب الأجيال القادمة، ويُلهمهم للسير على خطاه في تحقيق العدالة والنهوض بالمجتمع.

 

 

"Imprints in Justice... Counselor Dr. Hussein Madkour, the distinguished leader who restored the value of justice through his efforts and illuminated the paths of law with his contributions.

 

In the world of the judiciary, where the threads of law and justice intertwine, extraordinary stories emerge of individuals who have dedicated their lives to serving the truth. Few are those who combine academic passion, practical experience, and achievements that leave an indelible mark. The story of Counselor Dr. Hussein Madkour is one of these inspiring tales, recounting the journey of a man whose quest for knowledge and work never ceased, as he ascended the ladder of success step by step, leaving behind a legacy of giving and accomplishments that shaped the course of justice in Egypt.

 

Counselor Madkour's journey began with a deep passion for knowledge, earning his Bachelor of Laws from Ain Shams University. But his passion didn't stop there; he continued his academic career by obtaining two postgraduate diplomas in Islamic Law and Public Law, respectively. He capped off this journey by earning a Ph.D. in Law from Cairo University for his valuable thesis titled "The Crime of Bribery in Islamic Jurisprudence Compared to Positive Law."

 

Counselor Dr. Hussein began by registering his name in the table of practicing lawyers, starting a practical journey in the legal field, initially working as a lawyer for Banque Misr. In the same year, a presidential decree was issued appointing him to the State Lawsuits Authority. This decision was a launchpad for his triumphant ascent on the judicial ladder, as he rose through the ranks in a career full of giving, until he reached the position of Deputy Head of the Authority. He was then appointed as a member of the Supreme Council of the State Lawsuits Authority, and later its head, a culmination of his luminous career filled with giving and achievements.

 

Counselor Dr. Hussein's journey was not only professional but also a continuous journey of honing expertise and broadening horizons. He participated in numerous training courses that covered diverse fields, such as international commercial arbitration, drafting international contracts, maritime arbitration, and international maritime contracts and maritime arbitration lawsuits. These courses, which he obtained from prestigious institutions such as the Cairo Regional Centre for International Commercial Arbitration and the German-Arab Chamber of Industry and Commerce, contributed to shaping his personality as a distinguished legal professional who combines academic expertise with practical application.

His expertise extended to include international secondments, where he was seconded to work as a legal advisor at the Kuwaiti Environment Protection Council and served as a rapporteur for the National Plan to Combat Marine Pollution. He also worked as an assistant professor at the Institute of Religious and Islamic Sciences in Jakarta, Indonesia, and reached the rank of professor. He held other important positions in Kuwait, such as a consultant in the Fatwa and Legislation Department of the Council of Ministers, a consultant to the Chairman of the Board of Directors of the Commercial Bank of Kuwait, and Director General of Legal Affairs and the Difficult Debts Management.

 

Counselor Madkour's role was not limited to the judicial and legal aspects; he also had a pioneering role in extraordinary administrative tasks where he left clear imprints. Among his most prominent achievements was the conversion of the Constitutional Section into a digital section to keep pace with technological development, through the electronic archiving of all lawsuit files, an achievement that took only three months. He also led the electronic archiving process for the Execution Sector, making it a digital sector that communicates with all state agencies.

 

He moved between various legal and administrative sections. He started as a member of multiple sections such as Endowments, Administrative Judiciary, and the Supreme Constitutional Court. He then headed several important sections, including the Arbitration and Constitutional Court sections. He also led the Execution Sector with great success, establishing unified foundations for work that contributed to recovering huge sums for the state amounting to one billion and three hundred million Egyptian pounds in just one year and three months, an unprecedented achievement.

 

In addition, he was a member of the Disciplinary Council and the Supreme Council of the State Lawsuits Authority, which reflects his high standing and extensive experience.

 

His positions varied between academic, advisory, and judicial. From teaching at the Faculty of Law at Zagazig University, to setting up arbitration systems and rules, then taking on the position of Director of the Arbitration Center. His career did not stop there; he worked as a technical consultant for the Assistant Minister of Justice, then as a consultant to the Governor of Cairo for more than 13 years, in addition to being the Governor of Helwan.

 

Counselor Madkour was not satisfied with judicial and administrative work alone; he also had prominent contributions to scientific and intellectual life, through authoring many books and research articles. His books, such as "The Compendium of Legal Periods and Deadlines," consists of two books. The first book is on the law of pleadings, execution, civil law, evidence, personal status, labor law, and criminal procedure law.

 

The second book is on the law regulating contracts concluded by public entities and its executive regulations, related legislation, the law of administrative seizure, commercial law, bankruptcy law, maritime law, aviation law, lease law, and tax and customs legislation, in collaboration with others.

And "Principles of the Supreme Constitutional Court," have become fundamental references for researchers and legal professionals. He also contributed to the revision and translation of the book "Introduction to Islamic Jurisprudence" by Dr. Muhammad Salam Madkour into English, which reflects his passion for disseminating legal knowledge.

 

And a research article published in the journal of the State Lawsuits Authority entitled "The Theory of Attempted Crime in Positive Law and Islamic Jurisprudence."

 

In appreciation of his sincere efforts, Counselor Madkour received letters of thanks and appreciation from important figures such as the Deputy Prime Minister and the Minister of Agriculture. He also received recognition from the Egyptian General Petroleum Corporation, in acknowledgment of his efforts in changing the Supreme Court of Cassation's point of view on labor cases, and saving enormous sums for the corporation.

 

The story of Counselor Dr. Hussein Madkour is an inspiring success story, proving that persistence, diligence, and a passion for knowledge can create miracles. It is the tale of a man who spent his life in the service of justice, leaving a rich legacy of achievements and experiences that will remain a reference for future generations.

 

His career was not just a series of positions and responsibilities but an inspiring journey that embodies the meaning of sincerity and dedication in serving the nation. He left his imprints in every position he held, from developing judicial work systems to enriching the legal library with his valuable works. The story of his life is living proof that a passion for knowledge and diligent work can change the face of justice, and that one man is capable of leaving a legacy that illuminates the paths of future generations and inspires them to follow in his footsteps in achieving justice and advancing society.